التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الصفحة المطوية: طرف الخيط



الصفحة المطوية : الحلقة الرابعة

"الصفحة المطوية قصة مسلسلة على حلقات على صفحات هذه المدونة، ويمكن الوصول لجميع الحلقات من هنا، كذلك يسعدني تلقي أي استفسار أو تعليقات"
-          البت ما ماتتش!
كان صوت كرمللة يكاد يكون مسموع لكل من في القهوة، نظر إليه شبورة في غضب وهو يتلفت حوله ثم قام مسرعاُ وجذبه وخرجا من القهوة ثم قال وهما يبتعدان:
-          إحنا مش اتفقنا منتقابلش خالص اليومين دول...إنت ايه اللي جابك الساعة دي؟!
وقف كرمللة فجأة وأمسك شبورة من ذارعه وهو يقول:
-          بقولك البت ما ماتتش...لا وإيه الظابط كمان عايش...
نظر شبورة حوله ثم عاد ليدفعه للسير قائلاً:
-          طب مده كويس؟
قال كرمللة في عصبية واستغراب:
-          هو ايه اللي كويس؟!



أجاب شبورة:
-          إنهم ما ماتوش...
رد كرمللة وقد زادت نرفزته:
-          انت بتقول ايه؟!...إنت ناسي إن الظابط ده شافنا وكمان البت، يعني هيجيبونا هيجيبونا...أنا من الأول مكنتش موافق على الحكاية دي...اللي يخرب بيوتكو..انتو اللي وقعتوني الوقعة المهببة دي...
توقف شبورة عن السير ونظر إليه وقد عقد حاجبيه في صرامة وقال:
-          بقولك إيه يا روح إمك...فوق كده وإمسك نفسك وبلاش حركات العيال الصغيرة دي...وبعدين انت نسيت إنك كنت هتريل على البت لما شفتها...فبلاش بقى الحبتين دول...وحكاية بقى إن الظابط شافنا دي ... فدي مش بتاعتي ...لأنه شافكو انتو...انت وسعيد...أما أنا بقى لا...
نظر له كرمللة بقلق متسائلاً:
-          قصدك ايه؟
-          مقصديش حاجة... بس هي البت اللي خطر علينا أكتر...لأن الظابط برضو ملحقش ياخد بالو منكم وكمان الدنيا كانت ضلمة فمتخافش...وبعدين انت جبت الكلام ده كله منين؟
لوح له كرمللة بجريدة في يده وقال:
-          من الجرنال...كتبين يا اخويا الحكاية وبيقولوا إن المباحث بتحقق ومش هتسكت غير لما توصل للي عملوا العملة دي...اللي هو احنا ...فهمت
عادت النظرة الصارمة لوجه شبورة وقال:
-          وطي صوتك...إنت هتفضحنا...بقولك ايه...سيب لي الموضوع ده أفكر فيه على رواق وانت اخلع انت ومتحاولش تكلمني ولا تكلم سعيد خالص ...أنت فاهم...
نظر له كرمللة في حيرة وقال:
-          طب قوللي إنت ناوي على ايه؟
-          لسه معرفش وبطل كتر كلام واتكل بقى...هبقى أكلمك أنا لو عوزتك...سلام
تردد كرمللة لحظات ثم أخيراً مش مبتعداُ بينما شبورة يراقبه ثم أخرج الموبايل واتصل برقم وقال:
-          أيوه يا سعيد...عاوزك ضروري جداً...الحكاية شكلها اتعكت أوي ولازم نشوف هنعمل ايه...لا مينفعش لازم الليلة...لا سيبك من الواد ده دلوقتي...ده واد خيخة وممكن يعك لنا الدنيا زيادة...هو لسه كان معايا وماشي دلوقتي وقلت له ميكلمناش خالص لحد منكلمه احنا...طب خلاص...هستناك...سلام
أخرج شبورة سيجارة وأشعلها وأخذ نفس قوي وضاقت عيناه بشده وهو يفكر وكانت علو وجه تعابير مخيفة...جداً

دخل النقيب أسامة مكتب الرائد شريف في حماس فرفع الأخير عينه من الأوراق التي كان يراجعها وسأله:
-          هه...شكلك عندك أخبار؟
جلس النقيب أسامة ولازل الحماس على ملامحه:
-          طبعاُ فيه...وأخبار كويسة جداً كمان...
ترك الرائد شريف الأوراق وقال:
-          طب قول يا سيدي...
-          شوف يا باشا...أولاً جميلة فاقت والدكاترة قالوا ممكن ناخد أقوالها...ثانياً بقى وده الأهم...بعد تحري وبحث في القهاوي وحتى الغرز اللي في نطاق مكان الحادثة... قدرنا نوصل لمعلومة مهمة جداً...إحنا طبعاً كنا بنسأل عن اللي كانو متواجدين في القهوة في الوقت اللي حصلت في الواقعة...
-          هه ووصلتو لأيه
سأل الرائد شريف باهتمام...
رد النقيب أسامة:
-          بالفعل كان في على قهوة قريبة جداً من المكان مجموعة عيال قاعدين في الوقت ده...وقاموا كلهم وركبوا عربية سرفيس ومشيوا قبل ميعاد الواقعة بحاولي ساعة...

عاد الرائد شريف ليسأل:
-          طب محدش يعرف رقم العربية؟
هز النقيب أسامة رأسه قائلاً:
-          للأسف لا وكمان العيال دول أول مرة ييجوا المنطقة دي...بس الواد اللي شغال في القهوة قال إنهم كانوا أربعة...
صمت النقيب شريف وهوينظر للرائد أسامة الذي بدا عليه الاستغراق في التفكير...وأخير قال:
-          طب خدت أوصاف العيال دي؟
-          أيوه وصف شبه دقيق...واحنا بالفعل عملنا نشرة بأوصاف العيال دي...أو بالتحديد تلاتة منهم بس لأن الرابع جه بعديهم ومطولوش ومشيوا مع بعض فملحقش يتأكد من ملامحه...
-          جميل...جميل جداً ...إحنا محتاجين نوصل على الأقل لواحد فيهم...ومنه هنقدر نوصل للباقي...دلوقتي يلا بينا على المستشفى ونشوف جميلة هتقولنا ايه...

مرت أكثر من نصف ساعة على الموعد الذي حدده سامح للقاء محمود في القهوة كما اتفقا، لم ينتبه محمود لمرور الوقت إلا بعد أن رشفة رشفة من الشاي ليجده فقد حرارته بعد أن غرق في تفكيره وتركه مكانه، ترك كوب الشاي وقبل أن يتصل بسامح وجده آتي نحوه مسرعاً وجلس بجواره وهو يقول:
-          معلش يا محمود غصب عني والله... أمي طلبت مني أوصلها لخالتي في طريقي والطريق كان زحمة أوي....
ابتسم محمود ابتسامة باهتة وقال:
-          ولا يهمك... هي عاملة إيه دلوقتي...
سامح:
-          هي كويسة بس انت عارف من يوم وفاة أختي وهي تعبانة والدكتور قالي آخر مرة إنها ممكن تحتاج عملية قسطرة تاني...
محمود:
-          ربنا يديها الصحة ويخليهالك...
سامح:
-          آمين يا رب...المهم أنا كلمت الراجل خلاص وحددت لك ميعاد معاه...
محمود:
-          راجل مين؟
سامح:
-          بتاع الأقصر يا عم...انت نسيت ولا ايه
محمود:
-          انت برضو كلمته...أنا مش قلت لك مش هينفع.
سامح:
-          محنا قولنا نسمع منه الأول وبعدين نشوف... وبعدين يعني انت عجباك قعدتك دي... قابله وشوف هيقولك ايه وبعدين قرر...
تنهد محمود وهز رأسه ثم قال:
-          ماشي...الميعاد أمتى؟
أخرج سامح كارت من جيبه وأعطاه لمحمود قائلاَ:
-          ده الكارت بتاعه وميعادك معاه بكره الساعة واحدة الظهر...
أخذ محمود الكارت ونظر إليه وقرأ:
-          محمد عبد السلام ... مدير شئون العاملين...ماشي مش هنخسر حاجة.
سامح:
-          أيوه الله ينور عليك هو ده الكلام...مش هنخسر حاجة...بس إعمل حسابك لو اشتغلت هيكون لي عندك عزومة جامدة أوي...
نظر محمود لسامح بامتنان وقال:
-          أنا بجد بشكرك يا سامح على وقفتك معايا و...
سامح مقاطعاً:
-          ايه يا عم في ايه... الدمعة خلاص هتفر من عيني ...يلا يلا خلينا نقوم نشوف هتقابل الراجل بأيه بكره...
محمود:
-          أقابله بأيه إيه ... أنا مش معايا حاجة عشان أشتري لبس جديد...
رد سامح ممازحاً:
-          منا عارف يا سيدي...هسلفك من عندي بدلة والأمر لله....بس يارت تبقى تفتكرنا بس بحاجة من ريحة السياحة... والله يخليك بلاش نظرة التأثر اللي على وشك دي أحسن أنا قلبي رهيف وبضعف بسرعة...
ابتسم محمود لصديقه وكان داخله يشعر أنه بالفعل نعم الصديق وأنه دوما سيكون في حاجة إليه...وهذا بالفعل ما ستثبته الأيام...

وصل الرائد شريف والنقيب أسامة للمستشفى ثم اتجها لغرفة الطبيب الذي سمح لهما بلقاء جميلة، داخل غرفة جميلة كان أبوها يجلس بجوارها، فقال الرائد شريف:
-          مساء الخير...
أومأ الرجل برأسه وهو يقول:
-          مساء النور...اتفضلوا
نظر الرائد شريف لجمبلة وابتسم وقال:
-          حمد الله على السلامة... يارب تكوني حاسة إنك أحسن دلوقتي...
رفعت جميلة عينيها للرائد شريف ولم ترد بل انسابت دمعاتها في بطء على وجنتيها...
أكمل الرائد شريف كلامه:
-          أنا عارف إن الموقف كان فوق تحملك... بس إحنا فعلأ محتاجينك...محتاجين نعرف منك معلومات تساعدنا نمسك العيال دول قبل ميهربوا أو يحاولوا يكرروا عملتهم دي تاني...
انتظر الرائد شريف ليسمع رد من جميلة التي بقت دمعاتها تنسال في صمت...
نظر جلال هاشم لابنته متأثراً:
-          أرجوك يا حضرة الظابط تأجل الكلام لوقت تاني...انت شايف حالتها عاملة إزاي...
رد النقيب أسامة:
-          إحنا والله مقدرين يا جلال بيه...بس اللي بنعمله ده علشان خاطر جميلة واللي ذيها وكل دقيقة بتعدي ممكن تكون بتبعدنا عنهم أكتر...
تنهد جلال ونظر لابنته وقال:
-          جميلة ... أنا عارف يا حبيبتي إنك لسه تعبانة وخايفة... بس أنا مش عاوزك تخافي خالص كلنا هنا معاكي وجنبك...
الرائد شريف:
-          آنسة جميلة أنا مش عاوز أتقل عليكي بس أرجوكي حاولي تساعدينا...
 أيضاً لم تجد كلمات الرائد شريف هذه المرة رد فتدخل الطبيب وقال:
-          معلش يا شريف بيه، بس واضح إنها مش جاهزة تتكلم دلوقتي
هز الرائد شريف رأسه علامة يأس وخيبة أمل ثم قال:
-          خلاص...بس خليكي عارفة إنك كده بتديهم فرصة يهربوا بعد اللي عملوا معاكي...عن إذنكم
ما أن استدار الرائد شريف ومعه النقيب أسامة للمغادرة حتى سمع صوت جميلة وهي تقول:
-          استنوا...أنا هتكلم...هقولكوا كل اللي عاوزين تعرفوه
توقف الرائد شريف واستدا ناظراً لجميلة مبتسماً وهز رأسه مشجعاً وسحب كرسي وجلس بالقرب من سرير جميلة وهو يشعر أن ما سيسمعه سيكون هام...هام جداً
كان ما يحدث داخل غرفة جميلة يغيب عن صاحب تلك العينان الذي كان يراقب باب الغرفة بينما يتظاهر بتنظيف زجاج أحد النوافذ، لم يكن ذلك عامل نظافة عادي...بل كان شخص قد تموت جميلة رعباً إن رأته ثانية لأنه لم يكون إلا ... شبورة!

يتبع...

تعليقات

‏قال غير معرف…
و بعدين ؟؟
فين الباقى؟
اسلوبك جميل :)
‏قال شوارعي
أشكرك على تشريفك مدونتي المتواضعة وكذلك تعليقك الجميل...

قريباً إن شاء الله تأتي البقية...

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

فانوس رمضان

لا يخرج إلا من العام إلى العام...يبقى منزوياً في ركن ما داخل البيت إلى أن يأتي ذلك الموعد الذي ينتظره بفارغ الصبر...يستبشر إذ يرى صاحبه آت إليه فيهيئه ويجهزة ليعود جميلاً متألقاً جديداً كما كان... ما أجملك يا فانوس رمضان... كل عام وأنتم جميعاً بخير

الصفحة المطوية : الحلقة السادسة... صيد العصافير

 الصفحة المطوية : الحلقة السادسة صيد العصافير! "الصفحة المطوية قصة مسلسلة على حلقات على صفحات هذه المدونة، ويمكن الوصول لجميع الحلقات من هنا ، كذلك يسعدني تلقي أي استفسار أو تعليقات" لم يبدو على تلك الغرفة أن الشمس أو الهواء النظيف قد دخلاها من قبل، ناهيك عن الرائحة التي توحي إليك أن ذلك الكائن الملقى على سريره مجرد جثة هامدة...ولولا صوت أنفاسه التي كانت توحي أنه يعاني كابوس ثقيل جاثم على صدره بينما وجه يتصبب عرقاً... فجأة صوت خبط عنيف وسريع على الباب....قام ذلك الكائن الذي لم تظهر ملامحه بسبب الظلام مفزوعاً وتسمر في مكانه ولم يتحرك... علا صوت الخبط أكثر مع صوت أجش يصرخ من الخارج: -    افتح الباب! قبل أن يفكر في أي حركة كان الباب ينكسر ويدخل مجموعة من الأشخاص الذين اندفعوا نحو هذا الكائن الذي علا صراخه: -    سيبوني ..سيبوني ...أنا معملتش حاجة ...سيبوني... وفجأة...

الصفحة المطوية: البداية...

الحلقة الأولى "الصفحة المطوية قصة مسلسلة على حلقات على صفحات هذه المدونة، ويمكن الوصول لجميع الحلقات من هنا ، كذلك يسعدني تلقي أي استفسار أو تعليقات" لولا أنني عشت هذه القصة ورأيت كل أحداثها وتفاصيلها أو ربما يمكنكم أن تقولوا كنت أحد أبطالها، ما صدقت حرفاً منها! إذ أن ما بها يصعب تخيله أو التسليم بإمكانية حدوثه... بداية القصة لم تكن عندي، بل كانت هناك... من عنده...لعلكم تتساءلون عند من؟ الجواب في السطور القادمة... البداية...هو -           "أنا مش مصدق إنها اتخطبت...كده من غير مقدمات...طب إزاي وإمتى وفين؟" كانت المفاجأة أكبر من أي توقعات، فكيف بعد كل هذا الحب وهذه المشاعر ينتهي كل شيء فجأة هكذا بدون سابق انذار... -           "سامح...قولي إنك بتهزر...قولي إنك بتضحك عليه...قولي أي حاجة إنت ساكت ليه؟!" أمسكه سامح من يده وذهب به خارج القهوة في اتجاه الشارع، كان يمشي بخطوات متثاقلة ولم يبدي أي رد فعل بينما صديق عمره سامح يفتح باب السيارة ويدفعه ليجلس بالداخل... تحرك سامح بالسيارة وكان "هو" لا يزال صامتاً لا يت