التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الصفحة المطوية...الحلقة الخامسة : مفاجآت بالجملة!

الصفحة المطوية : الحلقة الخامسة ...
مفاجأت...بالجملة
"الصفحة المطوية قصة مسلسلة على حلقات على صفحات هذه المدونة، ويمكن الوصول لجميع الحلقات من هنا، كذلك يسعدني تلقي أي استفسار أو تعليقات"




- الإجرة يا سيادنا...
سمع كرمللة صوت سائق السيارة السرفيس ففتح عيناه ونظر للطريق من حوله، وضع يده في جيب قميصه وأخرة الإجرة وأعطاه لمن هو أمامه، كان قد عرف من اوحات الطريق أنه على مشارف طنطا...
راح يتذكر ما حدث منذ أن ترك شبورة، كان لديه شعور قوي أن شبورة يدبر لمصيبة أكبر، لذلك قرر الهرب والذهاب بعيداً حيث لا يجدونه، كان لديه بعض الأقارب في قرية تابعة لطنطا، وهناك بالتأكيد لن يصل إليه أحد...
شعر بالارتياح عندما وصل لهذه النقطة، فعاود ليغلق عينيه في هدوء بينما يستمع لصوت الكاسيت العالي...
مرت دقيقتان تقريباً قبل أن يصمت صوت الكاسيت فجأة ويشعر أن السيارة تهدأ من سرعتها، فتح عيناه مرة أخرى في قلق ليرى ما أصابه بالرعب، كانت هناك لجنة شرطة على الطريق تفتش السيارات...
ولم يكن هناك مفر، كانت أمامهم سيارة واحدة وأي محاولة للهروب أو النزول كانت ستفضحه...قرر التظاهر بالنوم وهو يرتعد من الداخل...




- اتفضل يا باشا
صوت السائق فيما يبدو وهو يناول الرخص للضابط...
لحظات صمت...
ثم
انقتح باب السيارة ومعه انخلع قلب كرمللة...
كان يدير وجهه للنافذة حتى يخفي وجهه...
- انت يااد ياللي نايم!
عجز حتى عن التفكير، لكنه ظل مغمضاَ عينيه ومتظاهراً بالنوم، لكن لكزة من الراكب بجواره أجبرته أن يفتح عينه لينظر تجاهه، ومع التفاتته وقعت عيناه على عيني الضابط الواقف خارج السيارة الذي ما أن رآه حتى لاح شبح ابتسامة نصر على وجهه...


- أنتي متأكدة أنهم كانوا تلاتة بس؟!
كان الرائد شريف يسأل جميلة وفي رأسه ما نقلته التحريات عن أن المشتبه بهم في القهوة كانوا أربعة...
انتظر أن تراجع جميلة نفسها وترد بالإيجاب، لكنها لم تستغرق وقت للإجابة وردت في إصرار
- أيوه...أنا متأكدة إنهم كانوا تلاتة بس...
قبل أن يرد عليها، علا صوت اللاسلكي الخاص بالنقيب أسامة الذي سارع لرفعه ثم خرج من الغرفة...


نظر الرئد شريف لجميلة مشجعاً وقال:
- أنا بجد بشكرك يا جميلة وإن شاء الله مش هيفلتوا من إيدينا...
لم ترد جميلة لكن والدها نظر له وقال متنهداً
- الله يعينكم...ياريت لو سعادتك خلصت نسيبها ترتاح شوية...
هز الرائد شريف رأسه إيجاباً واستدار لينصرف، وقبل أن يخرج كان الباب ينفتح ليدخل النقيب أسامة ليقول بحماس...
- حصل يا باشا...مسكنا واد من المشتبه فيهم


نظر الرائد شريف لجميلة التي بادلته النظر في صمت...وفهمت ما المطلوب...


خارج الغرفة كان شبورة لازال واقفاً متظاهراً بتنظيف الزجاج، ثم رأى النقيب أسامة يخرج من الغرفة ممسكاً باللاسلكي ويتحدث، لم يكن بإمكانه سماع ما يقول، لكن ما رآه على وجهه جعله يعرف أن هناك شيء خطير حدث...شيء جعله يفكر في أمر واحد...الهروب وفوراً!






لا أحد يستطيع أن يصف ذلك الشعور الذي كان يغمر كرمللة...فكرة واحدة كان تسيطر عليه ... الإعدام
كان يجلس وحده منذ أحضروه في غرفة مغلقة، ولم يتحدث معه أي شخص طول هذه المدة...
فجأة انفتح الباب ودخل عسكري اتجه نحوه قائلاً:
- قوم الباشا عاوزك...


- تماما سعادتك يا باشاً
وأدى العسكري التحية للرائد شريف الذي كان يجلس خلف مكتبه...
- روح انت
خرج العسكري من الغرفة وبقى كرمللة واقف مكانه يرتعد بينما الرائد شريف ينظر له في صمت، هُيأ لكرمللة أن عيني الضابط أمامه تكاد تخترق جمجمته لتخرج ما يخفيه من أسرار...حاول بلع ريقه فوجده جافاً...


- أنا هقول كل حاجة يا باشا!!!
تفاجأ الرائد شريف بالجملة التي قالها كرمللة...لكنه اكتفى بتلك الابتسامة وهو يعقد كفيه أمام وجهه ليستعد ليستمع لما سيقوله كرمللة...




كان سامح يجلس في سيارته ينتظر محمود حتى ينتهي من المقابلة الشخصية، وبعد مرور حوالي ساعة جاء محمود يمشي بخطوات بطيئة حتى انتهى بجوار صديقه داخل السيارة...
سامح:
- هه ايه الأخبار؟
محمود:
- قالي انتظر اتصال منهم، يعني شكله كده بيزحلقني بالزوق.
سامح:
- لا لا معتقدش...أنا متأكد انهم هيتصلوا بيك...بكره اتشوف...
تحرك سامح بالسيارة بينما بدا محمود شارداً ولم يرد ثم أمسك بجريدة كانت أمامه وأخذ يقلب في صفحاتها في صمت...
سامح:
- انت بتدور على حاجة معينة ولا ايه؟
محمود:
- هه...لا بس كنت بشوف...
سامح مقاطعاً:
- عارف بتشوف ايه بس في رأيي إن لو في جديد كانوا على الأقل طلبوني في القسم، انت نسيت انك ورطني معاك وبقيت شاهد في القضية دي.
محمود:
- أنت خليتها قضية كمان
سامح:
- أكيد إمال ايه اللي هيحصل يعني
كان سامح يقولها وهو يشعر أن هذا الأمر حتمي...والحقيقة أنه رغم إحساسه هذا إلا أنه بالتأكيد لم يكن يتوقع أن ذلك سيحدث قريباً...جداً...

على مدار ساعتين كان كرمللة يفرغ كل ما لديه أمام الرائد شريف، وقد كان الأمر أكثر سهولة مما توقع شريف تماماً وصارت الحادثة بكل تفاصيلها أمامه وواضحة...
الرائد شريف:
- طب ودلوقتي شبورة وسيد دول نلاقيهم فين؟


كرمللة وهو يبلع ريقه:
- مش عارف يا باشا أنا من ساعة مقابلت شبورة آخر مرة ذي محكيت لسعادتك وأنا معرفش عنه حاجة لا هو ولا سعيد، ده أنا حتى رحت لهم بيتهم قبل مسافر طنطا ملقتش حد...


سكت الرائد شريف وهو لازال يحدق في كرمللة في صمت...


كرمللة:
- والله يا باشا أنا قلت كل اللي أعرفه ومخبتش حاجة...


شريف:
- طبعاً انت هتقولنا على عنوان بيت شبورة وسعيد...مش كده ولا ايه؟


هز كرملله رأسه بشدة موافقاُ وهو يقول:
- طبعاً يا باشاً...اللي تأمر بيه سعادتك...بس ياباشا الله يخليك ياباشا أنا والله مكنت عاوز الحكاية دي خالص وهم اللي ورطوني معاهم...صدقني يا باشا والله أنا بقول الحق...بس اللي يخليك يا باشا...انتو كده هتعتبروني شاهد ملك...صح؟!


نظر له شريف مبتسماً وقال:
- ماشاء الله...ده انت عارف القانون كمان اهو...والله بقى الحكاية دي مرتبطة بمدى تعاونك معانا...
كرمللة:
- ياباشا أنا من إيدك دي لإيدك دي...


قام الرائد شريف من مكانه ثم وقف أمام الشباك وسأل كرمللة وهو مدير ظهره له:
- طب مين الواد الرابع اللي كان معاكو؟


نظر كرمللة باستغراب وقال:
- رابع! رابع مين يا باشا احنا كنا تلاتة بس و...


قاطعه شريف بحسم:
- انت هتستعبط يااد ولا ايه...مكنا ماشين كويس ليه رجعت للعوج تاني


بدا كرمللة متوتراً بشدة وهو يكرر:
- يا باشا والله أنا مبكدب...إحنا كنا تلاتة بس


نظر له شريف بصرامة أكثر وقال:
- بس أنا بقى عندي تحريات بتقول إنكو كنتو أربعة قاعدين على القهوة إياها وكلكو قمتم مع بعض...يبقى رابعكو ده راح فين طار في الهوا...اتبخر!


ظهرت الحيرة على وجه كرمللة...ثم فجأة قال:
- أيوه يا باشا افتكرت...أنا هفهم سعادتك...إحنا كنا أربعة أه على القهوة بس الرابع ده أنا معرفوش...ده واد كده كان قاعد لوحده وعزمنا عليه يقعد معانا ولما قمنا خدنا معانا...


شريف:
- يا حبيب أمك...إيه يا واد الحنية والكرم ده...بقى كان قاعد لوحده وعزمته عليه...ويطلع مين بقى بسلامته الأمور اللي كان لوحده ده؟


كرمللة:
- يا باشا منا قلت لسعادتك أني معرفوش...وبعدين ده كان شكله ابن ناس...حتى أنا معرفش هو ازاي انسقط مننا كده...بس أنا بيتهيألي يا سعادة الباشا أنه مركبش معانا ساعة ما أخدنا البت...


شريف:
- قصدك ساعة مخطفتوها مش أخدتوها...اممم يعني كان ركب معاكو وانتو ماشين من القهوة بس بعد كده اختفى...


كرمللة وهو يهز رأسه وقد ظهر عليه الإرهاق:
- تمام سعادتك كده يا باشا هو ده اللي حصل بالظبط...
قبل أن يرد الرائد شريف علا صوت التليفون على مكتبه فتحرك نحوه ورد:
- أيوه...هه...والله...طب ده شيء جميل...ابعت لي استدعوه بسرعة...لا مفيش بس أول ميوصل دخلهولي علطول...تمام...متشكر...بالسلامة انت


كان كرمللة يركز مع كلمات الرائد شريف محاولاً ان يفهم شيء مما يقول...وما أن أنهى الرائد شريف المكالمة حتى قام من مكانه واتجه إلى كرمللة مبتسماً بسخرية وقال:

- شفت بقى يا كرمللة إحنا بنحبك قد ايه...أدينا يا سيدي جايبن لك ضيوف يطمنوا عليك...واحد شاف كل حاجة...هيجي يتعرف على سعادتك ونشوف بقى حكاية رابعكو اللي اختفى ده حقيقة ولا حدوتة ألفتها لنا...ده غير بقى الواد بتاع القهوة اللي هو كمان نفسه يشوفك ويسلم عليك...هه مبسوط يا سي كرمللة!


لم يشكل الأمر مفاجاة كبيرة لكرمللة لأنه كان يعلم أنه قال كل ما لديه...
لكن المفاجاة الحقيقة كانت تنتظر الصديقان...محمود وسامح!
يتبع...







تعليقات

‏قال محمد
قصة رائعة وكلام جميل شكرا لك واتمنى لك مزيد من النجاح ...
‏قال شوارعي
أشكرك يا أستاذ محمد على الإطراء والتشجيع واتمنى أنك تشرفني بمتابعتك دايماً إن شاء الله
مدونة جميلة جدا وكلامك رائع والقصة حلوة قوى بارك الله فيك بالتوفيق باذن الله ...
‏قال شوارعي
مرة ثانية أشكرك على إطلالتك في مدونتي وكلامك الجميل...

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

فانوس رمضان

لا يخرج إلا من العام إلى العام...يبقى منزوياً في ركن ما داخل البيت إلى أن يأتي ذلك الموعد الذي ينتظره بفارغ الصبر...يستبشر إذ يرى صاحبه آت إليه فيهيئه ويجهزة ليعود جميلاً متألقاً جديداً كما كان... ما أجملك يا فانوس رمضان... كل عام وأنتم جميعاً بخير

الصفحة المطوية : الحلقة السادسة... صيد العصافير

 الصفحة المطوية : الحلقة السادسة صيد العصافير! "الصفحة المطوية قصة مسلسلة على حلقات على صفحات هذه المدونة، ويمكن الوصول لجميع الحلقات من هنا ، كذلك يسعدني تلقي أي استفسار أو تعليقات" لم يبدو على تلك الغرفة أن الشمس أو الهواء النظيف قد دخلاها من قبل، ناهيك عن الرائحة التي توحي إليك أن ذلك الكائن الملقى على سريره مجرد جثة هامدة...ولولا صوت أنفاسه التي كانت توحي أنه يعاني كابوس ثقيل جاثم على صدره بينما وجه يتصبب عرقاً... فجأة صوت خبط عنيف وسريع على الباب....قام ذلك الكائن الذي لم تظهر ملامحه بسبب الظلام مفزوعاً وتسمر في مكانه ولم يتحرك... علا صوت الخبط أكثر مع صوت أجش يصرخ من الخارج: -    افتح الباب! قبل أن يفكر في أي حركة كان الباب ينكسر ويدخل مجموعة من الأشخاص الذين اندفعوا نحو هذا الكائن الذي علا صراخه: -    سيبوني ..سيبوني ...أنا معملتش حاجة ...سيبوني... وفجأة...

الصفحة المطوية: البداية...

الحلقة الأولى "الصفحة المطوية قصة مسلسلة على حلقات على صفحات هذه المدونة، ويمكن الوصول لجميع الحلقات من هنا ، كذلك يسعدني تلقي أي استفسار أو تعليقات" لولا أنني عشت هذه القصة ورأيت كل أحداثها وتفاصيلها أو ربما يمكنكم أن تقولوا كنت أحد أبطالها، ما صدقت حرفاً منها! إذ أن ما بها يصعب تخيله أو التسليم بإمكانية حدوثه... بداية القصة لم تكن عندي، بل كانت هناك... من عنده...لعلكم تتساءلون عند من؟ الجواب في السطور القادمة... البداية...هو -           "أنا مش مصدق إنها اتخطبت...كده من غير مقدمات...طب إزاي وإمتى وفين؟" كانت المفاجأة أكبر من أي توقعات، فكيف بعد كل هذا الحب وهذه المشاعر ينتهي كل شيء فجأة هكذا بدون سابق انذار... -           "سامح...قولي إنك بتهزر...قولي إنك بتضحك عليه...قولي أي حاجة إنت ساكت ليه؟!" أمسكه سامح من يده وذهب به خارج القهوة في اتجاه الشارع، كان يمشي بخطوات متثاقلة ولم يبدي أي رد فعل بينما صديق عمره سامح يفتح باب السيارة ويدفعه ليجلس بالداخل... تحرك سامح بالسيارة وكان "هو" لا يزال صامتاً لا يت