التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الصفحة المطوية - دماء على الطريق


الحلقة الثانية
"الصفحة المطوية قصة مسلسلة على حلقات على صفحات هذه المدونة، ويمكن الوصول لجميع الحلقات من هنا، كذلك يسعدني تلقي أي استفسار أو تعليقات"



لا أدري كم مر من الوقت وأنا في اتنظار سامح، ولكن ما أعلمه يقيناً أن تلك الغيامة على عقلي انقشعت دفعة واحدة، كنت أشعر وكأنني استيقظت فجأة من حلم مزعج لكن للأسف كل ما حولي كان يخبرني بأن ما أعيشه واقع...
بينما أنتظر سامح مرت في عقلي ذكريات متداخلة ومتشابكة لا رابط بينها، فمن حبيبتي التي راحت مني فجأة بعد حب دام سبع سنوات طوال فترة الجامعة ثم بعد تخرجي من كلية التجارة، وعلى مر هذه السنوات كانت قد صارت كل شيء لي ولكن لم يكن بإمكاني فعل شيء لعدم حصولي على فرصة عمل تؤهلني لتحويل تلك العلاقة إلى شكل رسمي...لعنة الله على تلك الظروف التي نعيش فيها...
                          
ثم ما حدث بعد خبر سامح المشئوم من أحداث متسارعة متلاحقة كأنني أشاهد فيلم سينمائي مرعب، وفي النهاية أرى فتاة تُخطف أمام عيني وأنا أتفرج ولا أفعل شيء، سبحان الله حبيبتي تروح مني وأنا أتفرج ثم فتاة أخرى غريبة الله أعلم بحالها الآن تضيع أيضاً أمام عيني...ترى على هناك رابط؟!

انقطعت الأفكار من عقلي وأنا أراقب نور السيارة القادمة من بعيد والتي بدت سيارة صديقي سامح، لابد أنه أتى مذعوراً بعد أن حدثته بهذه الطريقة...

توقف سامح بالسيارة أمامي وخرج مسرعاً في اتجاهي:
-           خير؟! قلقتني ايه اللي حصل؟ وايه اللي جابك هنا؟
نظرت له لا أدري ما أقول ثم قلت:
-          وديني أقرب قسم شرطة ...عاوز أعمل بلاغ!

في الطريق لقسم الشرطة أخبرت سامح بكل ما حدث منذ تركني، كان يسمعني وتعابير وجهه تتغير من الاستغراب للاستنكار وأخير الغضب والدهشة، سامح شخص مسالم لحد بعيد ويعيش في عالم من المثالية أو يحلم بالمدينة الفاضلة لذلك كان يستمع إلي وهو متأثراُ بشكل كبير ثم قال:
-          أنا مش قادر أصدق...كل ده حصل...الكلاب.
نظرت إليه وهززت رأسي في أسى ...

ما أن وصلنا لقسم الشرطة وتوقف سامح بالسيارة حتى خطر في بالي شيء خطير، إذ أنني لا يجب أن أظهر في الصورة نهائياً لأن ذلك قد يعني تورطي بشكل ما مع المختطفين، وإلا كيف سأبرر وجودي معهم  ووجودي في مكان الحادثة...

سامح:
-          محمود ...إحنا وصلنا...يلا
قلت في تردد:
-          سامح أنا مش هقدر أبلغ بنفسي عن اللي حصل...
سامح:
-          ليه؟!
محمود:
-          لأني كده بورط نفسي ومش بعيد يفتكروا إني كنت معاهم...لا لا مش هينفع خالص إني أنا اللي أعمل البلاغ.
سامح:
-          طيب والعمل؟
كنت أبحث عن حل عملي وسريع وأخيراً قلت:
-          إنت يا سامح اللي هتبلغ!

لم يجد سامح صعوبة في تبرير وجود في مكان الحادثة، إذ أنه كان يزور أحد أصدقائه وعائد في طريقه ورأى ماحدث كما أنه لا علاقة له بالخاطفين من قريب أو من بعيد، وانتهى التحقيق على أن تتولى الشرطة التحري والبحث في الواقعة على أن يعاودوا الاتصال بسامح إن جد جديد...
نظر لي سامح بعد أن خرج من القسم وجلس بجواري في السيارة ثم تنهد بقوة وقال:
-          بيتهيألي أوصلك البيت أحسن دلوقتي...
لم أعترض على قول سامح لأنني فعلاً كنت بحاجة للراحة...الراحة والنوم ...ولكن تُرى ماذا حدث لهذه الفتاة؟...وحده الله أعلم...




-          يخرب عقلك ياد يا شبورة...البت فعلاً صاروخ
كانت عينا سعيد تبرق في الظلام وهو ينظر من خلال مرآة سيارته السرفيس إلى الفتاة المسكينة التي كان شبورة وكرمللة يجلسان عن جانبيها بينما شبورة ممسكاً بمطواة يضعها على رقبتها...وقال:
-          مش قلت لكم تستاهل...ده أنا لي  كام يوم مراقبها من يوم مشفتها خارجة من المول وقلت دي متعديش أبداً...
كرمللة:
-          بقولكم إيه ...أنا هكون الأول أنا مش هقدر أصبر على متخلصوا
كانت دموع المسكينة لا تتوقف وهي تراقب مطواة شبورة والرعب يملأ عينيها وقالت في توسل:
-          الله يخيلكو سبوني ...خدوا كل اللي معايا بس بلاش اللي هتعملوه...انتو ملكوش إخوات بنات
صرخ شبورة:
-          لا يا أمورة ملناش إحنا عيلتنا كلها رجالة...لكن إنتي بقى ست...وست الستات كمان.
سعيد:
-          اهدوا إمال شوية على منوصل وبعدين كله هياخد نصيبه و...
قطع سعيد عبارته فجأة وهو ينظر أمامه في توتر شديد...ثم قال:
-          يادي النيلة...كمين شرطة!

في الحال رفع كرمللة وشبورة أعينهما ليجدوا سيارات متوقفة بعيداً بينما ظابط شرطة يراجع أوراق كل سيارة تمر ...
كرمللة:
-          رحنا في داهية...
كان الفتاة هي الأخرى قد رفعت عينيها لترى بريق الأمل الذي ظهر لها...ويبدو أن شبورة رأى ذلك فغرس نصل المطواة في رقبتها محدثاً جرحاً صغيراً صرخت منه الفتاة...
شبورة:
-          صوتك...حسك عينك  صوتك  يطلع أحسن قسماً بالله مهتلحقي تقولي أه...
انكمشت الفتاة في رعب وقد انحبس صوتها ...
شبورة:
-          سعيد هدي وروح على جنب وادخل في أي حتة...
كرمللة:
-          أكيد هيشوفونا وهييجو ورانا...
سعيد:
-          مفيش قدامنا غير كده
كان يتكلم بينما يأخذ بالسيارة مساراً آخر ليخرج عن الطريق، وبالفعل حدث ما كان يخشونه رآهم عسكري وجرى ليخبر ظابط الشرطة الذي سلم أوراق السيارة أمامه لقائدها آمراً إياه بالتحرك ثم جرى بسرعة في اتجاه أحد السيارات وقفز داخلها وتحرك سريعاً ليطارد سيارة سعيد...

كان سعيد يراقب المرآة ويقول:
-          الظاهر كده نفدنا...محدش جه ورانا!
لم يكد ينهي عبارته حتى لاحت أضوار سيارة الظابط خلفه...
-          اللي يخرب بيوتكو...شافونا
ضغط سعيد دواسة البنزين بقوة محاولاً الهروب من سيارة الظابط الذي ما أن رأى ذلك حتى انطلق خلفه بسرعة وبدا أنه لن يتركه يهرب منه. كانت هناك سيارة شرطة أخرى قد لحقت بسيارة الظابط الأول وانضمت لمطارة سيارة سعيد الذي عاد للطريق الرئيسي تلاحقه سيارت الشرطة في إصرار...وكان واضح أن سيارته لن تصمد طويلاً في هذه المطاردة
داخل السيارة لم يكف شبورة عن الصراخ وتهديد الفتاة بينما كرمللة ينظر وراءه في رعب ولا ينطق بكلمة...

فجأة قال شبورة:
-          ارمي لهم البت دي

كرمللة مندهشاً:
-          ايه...
تابع شبورة:
-          بقولك ارميها لهم علشان يتلهوا فيها ويحلوا عنا...
كان سعيد يستمع إليهما ووعينيه لا تتوقف عن مراقبة سيارات الشرطة وراءه...بدا أنه موافق على ما قاله شبورة
تحرك شبورة فجأة ودفع كرمللة من مقعده، وتعالت صرخات الفتاة بشكل هستيري وشبورة يجذبها ناحية باب السيارة، حاولت الفتاة التشبث بكل شيء طالته يداها لكن في النهاية لم تنجح وفتح شبورة باب السيارة الذي أخد يرتد بعنف على جانب السيارة ثم بكل قوة دفع الفتاة في الخارج وراحت تتدحرج بعنف على جانب الطريق...

عاد شبورة ليغلق باب السيارة صارخاً في سعيد:
-          يلا بسرعة ...بسرعة

كان الظابط يطارد سيارة سعيد في إصرار وما أن رأى بابها ينفتح وما يحدث داخل السيارة من حركة حتى رفع جهاز اللاسيلكي:-
-          في حاجة غريبة بتحصل في العربية شكلهم هيرموا حاجة أو حد لو حصل اقفوا انت وشوفوا ايه اللي اترمى وأنا هكمل وراهم...
وهذا بالفعل ما حدث توقفت سيارة الشرطة الثانية بجوار الفتاة بينما استمر الظابط في المطارة...

سعيد رأى ذلك وفرك ذقنه بقوة وقال لشبورة:
-          لسه في عربية جاية ورانا...
نظر شبورة فرأى سيارة الظابط تلاحقهم...
-          وقف على جنب يا سعيد
سعيد مندهشاً:
-          ايه؟!
شبورة:
-          اوقف بقولك وملكش دعوة انت

رأى الظابط سيارة سعيد تقف فجأة على جانب الطريق فضغط دواسة الفرامل وتوقف على مسافة منها ونظر في حذر ثم أخرج مسدسه وفتح باب سيارته وخرج وجلس محتمياً بها...
انفتح باب السيارة وخرج سعيد وكرملة رافعان ايديهما في الهواء ووقفا بجوار السيارة...
كان الظابط يراقب ما يحدث في شك وانتظر قليلاً ثم تحرك نحوهما في حذر واقترب منهما شيئاً فشيئاَ حتى صار أمامهما وعينيه تنتقل منهما إلى داخل السيارة التي بدت خاوية ...
-          على الأرض ياد انت وهو
أمر الظابط سعيد وكرمللة اللذان امتثلا لما يقول...
اقترب منهما الظابط أكثر، لكنه لمح في عينهما نظرة سخرية غريبة ثم شعر بحركة خلفة وقبل أن يستدير كان شبورة يطعنه بالمطواة في ظهره لكنه حاول أن يدير مسدسه باتجاه شبورة الذي بادره بطعنة أخرى في ذراعه فسقط مسدسه على أرض، ثم كانت الطعنة الثالثة في جنبه...
وأخيراً سقط الظابط الشاب مضرجاً في دمائه فانحنى عليه شبورة ليطعنه مرة أخرى لكن سعيد صرخ فيه...
-          خلاص يلا قبل محد ييجي هو هيخلص لوحده...
نظر شبورة لسعيد معترضاً وبدا أنه متلذذ بما يفعل لكن كلام سعيد جعله يفيق فتحرك بسرعة في اتجاه السيارة وركبها وأدار المحرك وتحرك للخلف في سرعة ليدوس على قدم الظابط الذي صرخ صرخة قوية ثم ركب كرمللة وسعيد وعاد شبورة لينطلق بالسيارة...لكن لحسن الحظ بعيداً عن جسد الظابط...هذه المرة!

يتبع...

تعليقات

‏قال سَارةٌ
جميل جداً الجزء ده ..

والتعبيرات بتزيد لذة المواقف اكتر ..

امممم .. اعتقد البنت دي هيكون ليها دور تاني في القصه والله اعلم ..

هو لحد دلوقتي مقدرتش الاقي ترابط .. :(

لكنهـآ بجد رائعه .. متــآبعاها .. :)
‏قال شوارعي
مش هقدر أقولك تخمينك صح أو لا بس اللي اقدر أوعدك بي إنك مش هتندمي على المتابعة وإن الأحداث هتكون مليانة بالمفاجات والأحداث المثيرة...

أشكرك بجد على المتابعة وتعليقاتك المستمرة
‏قال محمد
القصة جميلة جدا واتمنى المزيد لمتابعة القصة واتمنى لك النجاح ..
‏قال شوارعي
أشكرك أخي محمد على مرورك الكريم وأدعوك لقراءة باقي الحلقات المنشورة وبإذن الله قريباً أوالي نشر البقية...
خالص تحياتي

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

فانوس رمضان

لا يخرج إلا من العام إلى العام...يبقى منزوياً في ركن ما داخل البيت إلى أن يأتي ذلك الموعد الذي ينتظره بفارغ الصبر...يستبشر إذ يرى صاحبه آت إليه فيهيئه ويجهزة ليعود جميلاً متألقاً جديداً كما كان... ما أجملك يا فانوس رمضان... كل عام وأنتم جميعاً بخير

الصفحة المطوية : الحلقة السادسة... صيد العصافير

 الصفحة المطوية : الحلقة السادسة صيد العصافير! "الصفحة المطوية قصة مسلسلة على حلقات على صفحات هذه المدونة، ويمكن الوصول لجميع الحلقات من هنا ، كذلك يسعدني تلقي أي استفسار أو تعليقات" لم يبدو على تلك الغرفة أن الشمس أو الهواء النظيف قد دخلاها من قبل، ناهيك عن الرائحة التي توحي إليك أن ذلك الكائن الملقى على سريره مجرد جثة هامدة...ولولا صوت أنفاسه التي كانت توحي أنه يعاني كابوس ثقيل جاثم على صدره بينما وجه يتصبب عرقاً... فجأة صوت خبط عنيف وسريع على الباب....قام ذلك الكائن الذي لم تظهر ملامحه بسبب الظلام مفزوعاً وتسمر في مكانه ولم يتحرك... علا صوت الخبط أكثر مع صوت أجش يصرخ من الخارج: -    افتح الباب! قبل أن يفكر في أي حركة كان الباب ينكسر ويدخل مجموعة من الأشخاص الذين اندفعوا نحو هذا الكائن الذي علا صراخه: -    سيبوني ..سيبوني ...أنا معملتش حاجة ...سيبوني... وفجأة...

الصفحة المطوية: البداية...

الحلقة الأولى "الصفحة المطوية قصة مسلسلة على حلقات على صفحات هذه المدونة، ويمكن الوصول لجميع الحلقات من هنا ، كذلك يسعدني تلقي أي استفسار أو تعليقات" لولا أنني عشت هذه القصة ورأيت كل أحداثها وتفاصيلها أو ربما يمكنكم أن تقولوا كنت أحد أبطالها، ما صدقت حرفاً منها! إذ أن ما بها يصعب تخيله أو التسليم بإمكانية حدوثه... بداية القصة لم تكن عندي، بل كانت هناك... من عنده...لعلكم تتساءلون عند من؟ الجواب في السطور القادمة... البداية...هو -           "أنا مش مصدق إنها اتخطبت...كده من غير مقدمات...طب إزاي وإمتى وفين؟" كانت المفاجأة أكبر من أي توقعات، فكيف بعد كل هذا الحب وهذه المشاعر ينتهي كل شيء فجأة هكذا بدون سابق انذار... -           "سامح...قولي إنك بتهزر...قولي إنك بتضحك عليه...قولي أي حاجة إنت ساكت ليه؟!" أمسكه سامح من يده وذهب به خارج القهوة في اتجاه الشارع، كان يمشي بخطوات متثاقلة ولم يبدي أي رد فعل بينما صديق عمره سامح يفتح باب السيارة ويدفعه ليجلس بالداخل... تحرك سامح بالسيارة وكان "هو" لا يزال صامتاً لا يت